فصل: انتقاض عباس في باميان ثم رجوعه إلى الطاعة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء علاء الدين ثانيا على غزنة ثم انتزاع الذر إياها من يده.

قد تقدم لنا استيلاء الذر على غزنة وإخراجه علاء الدين وجلال الدين منها إلى باميان فأقاما بها شهرين ولحق كثير من الجند بعلاء الدين صاحبهم وأقام الذر بغزنة متوقفا عن الخطبة لغياث الدين يروم الاستبداد وهو يعلل الأتراك برجوع رسوله من عند غياث الدين مخافة أن ينفضوا عنه فلما ظفر بعلاء الدين وملك القلعة أظهر الاستبداد وجلس على الكرسي وجمع علاء الدين وجلال الدين العساكر وساروا من باميان إلى غزنة وسرح الذر عساكره للقائهما فهزماها وأثخناها وهرب الذر إلى بلد كرمان واتبعه بعض العسكر فقاتلهم ودفعهم وسار علاء الدين وأخوه إلى غزنة وملكوها وأخذوا خزانة شهاب الدين التي كان الذر أخذها من يد الوزير مؤيد الدين عند مقدمه بجنازة شهاب الدين إلى كرمان كما مر ثم اعتزم علاء الدين وأخوه على العود إلى غزنة وأهلها متوقعون النهب من عسكرهم والفيء.
وكان بينهم رسول الخليفة مجد الدين بن الربيع مدرس النظامية جاء إلى شهاب الدين فقتل وهو عنده وأقام بغزنة فقصده أهل غزنة أن يشفع فيهم فشفع وسكن الناس وعاد علاء الدين وأخوه إلى غزنة ثم وقع بينهما تشاجر على اقتسام الخزانة وعلى وزارة مؤيد الملك فندم الناس على طاعتهما وسار جلال الدين ومعه عباس إلى باميان وبقي علاء الدولة بغزنة وأساء وزيره السيرة في الجند والرعية ونهب الأموال حتى باعوا أمهات أولادهم ويشكون فلا يشكيهم أحد فسار الذر في جموع الأتراك والغز والغورية فكبسهم إيدكز الشر في مولى شهاب الدين في ألفين وملك كرمان وجاء الذر إثر ذلك وأنكر على إيدكز وملك كرمان وأحسن إلى أهلها وبلغ الخبر إلى علاء الدين بغزنة فبعث وزيره إلى أخيه جلال الدين في باميان وكانت عساكر الغورية قد فارقوه ولحقوا بغياث الدين ووصل الذر آخر سنة اثنتين وستمائة إلى غزنة فملكها وامتنع علاء الدين بالقلعة فسكن الذر الناس وأمنهم وحاصروا القلعة وجاء الخبر إلى الذر بأن جلال الدين قادم عليك بعساكره ولحق سليمان بن بشير بغياث الدين ببيروزكوه فأكرمه وجعله أمير داره وذلك في صفر سنة ثلاث وستمائة وسار الذر فلقي جلال الدين وهزمه وسيق أسيرا إليه ورجع إلى غزنة وتهدد علاء الدين بقتل الأسرى إن لم يسلم القلعة وقتل منهم أربعمائة أسير فبعث علاء الدين يستأمنه فأمنه ولما خرج قبض على وزيره عماد الملك وقتله وبعث إلى غياث الدين بالفتح.

.انتقاض عباس في باميان ثم رجوعه إلى الطاعة.

لما أسر علاء الدين وجلال الدين كما قلناه في غزنة وصل الخبر إلى عمهما عباس في باميان ومعه وزير أبيهما وسار الوزير إلى خوارزم شاه يستنجده على الذر ليخلص صاحبيه فاغتنم عباس غيبته وملك القلعة وكان مطاعا وأخرج أصحاب علاء الدين وجلال الدين فرجع الوزير من طريقه فحاصره بالقلعة وكان مطاعا في تلك الممالك من لدن بهاء الدين ومن بعده فما خلص جلال الدين من أسر الذر وصل إلى مدينة باميان واجتمع مع الوزير وبعثوا إلى عباس ولاطفوه حتى نزل عما كان استولى عليه من القلاع وقال: إنما أردت حفظها من خوارزم شاه.

.استيلاء خوارزم شاه على ترمذ ثم الطالقان من يد الغورية.

كان خوارزم شاه لما ملك بلخ من يد عمر بن الحسين الغوري سار منها إلى ترمذ وبها ابنه وقدم إليه محمد بن بشير بما كان من نزول أبيه عن بلخ وأنه انتظم في أهل دولته وبعثه إلى خوارزم مكرما ورغبه بالأقطاع والمواعيد وكان قد ضاق ذرعه من الخطا ووهن من أسر الذر أصحابه بغزنة فأطاع واستأمن وملك خوارزم شاه ترمذ ورأى أن يسلمها للخطا ليتمكن بذلك من خراسان ثم يعود عليهم فينتزعها منهم ولما فرغ من ذلك سار إلى الطالقان وبها سونج نائبا عن غياث الدين محمود وأرسل من يستميله فلج وسار لحربه حتى إذا التقيا نزل عن فرسه وسأل العفو فذمه بذلك وأخذ ما كان بالطالقان بعض أصحابه وسار إلى قلاع كاكوير وسوار فخرج إليه حسام الدين علي بن أبي علي صاحب كالوين وقاتله وطالبه في تسليم البلاد فأبى وسار خوارزم شاه إلى هراة ونزل بظاهرها وابن حرميل في طاعته فكف عساكره عن أهل هراة ولقيه هنالك رسول غياث الدين بالهدايا ثم سار ابن حرميل إلى اسفزار في صفر وقد كان صاحبها سار إلى غياث الدين فحاصرها حتى استأمن إليه وملك البلد ثم أرسل إلى صاحب سجستان بطاعة خوارزم والخطبة له فأجاب إلى ذلك بعد أن طلبه في ذلك غياث الدين فامتنع وعند مقام خوارزم شاه على هراة عاد إليها القاضي صاعد بن الفضل الذي كان ابن حرميل أخرجه منها فلحق بشهاب الدين ثم رجع من عنده إلى خوارزم شاه فسعى به ابن حرميل عنده حتى سجنه بقلعة زوزن وولى على القضاء بهراة الصفي أبا بكر محمد بن السرخسي.